اللوبي "الاسرائيلي"
كيف نشأ وتوغل في الادارة الأمريكية ؟
1500موظف رسمي وثماني فروع في أنحاء الولايات المتحدة للوبي
توغل اللوبي "الاسرائيلي" داخل المجتمع الأمريكي وإداراته السياسة وأصبح رجالاته من أصحاب القرار والنفوذ وبدت لهم الكلمة العليا في السيطرة على مجريات السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية وأصبح أهم رجال الادارة الأمريكية من أعضاء هذا اللوبي مثل مارتن انديك مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى ودينس روس منسق "عملية السلام" في الشرق الأوسط ومل سمبلر الرئيس المالي للجنة القومية للحزب الجمهوري ، وأصبح اللوبي الذي يعرف اختصارا ب "ايباك" المسئول عن تمويل الحملات الانتخابية لأعضاء الكونجرس وزيارات رجاله إلى "اسرائيل" وتوطيد علاقاتهم مع رموز وقادة المجتمع "الاسرائيلي" ولاعجب بعد ذلك في أن يسيطر هذا اللوبي على مجريات السياسة الخارجية للبيت الأبيض ..ولكن لا تبدو الصورة قاتمة بهذا الشكل فهناك جهود بذلت لظهور العديد من المنظمات العربية ذات القوي والتوازن السياسي المعقول ويمكن بشيء من الجهد توحيد آراء تلك المنظمات لتصبح ذات صوت مسموع خاصا في الأزمات والأوقات التي تحتاج ذلك
في منشأ اللوبي "الاسرائيلي" روايتان ،أحدهما أنه تأسس في عام 1951أي بعد نحو أربع سنوات من نشأة الكيان الصهيوني.. والرواية الأخرى وهي الأرجح ان هذا اللوبي تشكل وأصبح له وجود في أعقاب موقف الرئيس ايزنهاور من "اسرائيل" عندما أمرهم بالانسحاب من سيناء بعد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي "الاسرائيلي" وقد بادروا بتشكيل هذا اللوبي على الفور ، وبدأ يمارس مهامه منذ ذلك الحين على قاعدة "الا يتكرر مثل ذلك أبدا على أي نحو " وقد كان ..ولنقدم لمحة من نفوذ هذا اللوبي وتكتيكه واستعراض سلطانه فمثلا في آذار (مارس) الماضي عندما كانت حكومة نتنياهو تمنع أن يحصل صدام علني مع ادارة كلينتون حول مدي الانسحاب "الاسرائيلي" من أراضي الضفة الغربية وتمت اجتماعات في السفارة الإسرائيلية بين رسميين من حكومة نتنياهو جاءوا خصيصا من "اسرائيل" ليجتمعوا مع قيادات اللوبي من أجل الضغط على أعضاء الشيوخ ليوقعوا على خطاب من إعداد اللوبي مرروه علىهم ويطالبون فيه كلينتون بالا يعلن على الملأ مشروعه الذي قدمه إلى نتنياهو حول الانسحاب من الأرض والذي كان الأخير يعارضه ويرفضه ..الذي حدث أن معظم الشيوخ امتنعوا في البداية عن التوقيع اللهم الا 40سناتور فقط من المائة عضو وعلى ذلك فقد فهمنا ان الاجتماعات التي تمت في السفارة الإسرائيلية كانت لتنسيق الجهود بين حكومة "اسرائيل" واللوبي بهدف إرهاب كلينتون .ولا نعرف ماذا حدث في الأيام التالية اللهم ان عدد الموقعين قد ارتفع إلى 80بعد ذلك واهتزت ادارة كلينتون لهذه الواقعة بشدة بدليل ما حدث بعد ذلك مباشرة من محاولة رأب الصدع وإرسال المرسال دينيس روس فورا لاسرائيل لتهدئة الأمور مع نتنياهو . أما كيف يقوم اللوبي من الوجهة العلمية والقانونية بتكرار مثل هذا الخطاب فيكفي للعلم أن عددا لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة في مجلس الشيوخ ومثلهم أو أكثر في مجلس النواب إنما هم قلبا وقالبا إسرائيليون في ثوب امريكيين ونوابا غير رسميين للوبي داخل الكونجرس . ويكفى للعلم ان هذا اللوبي أشبه بشبكة لا يقل عدد أعضائها عن 55ألف عضو منتشرين بين أنحاء الولايات المتحدة يدفع كل منهم اشتراكات سنوية جعلت من ميزانيته تزيد على 14 مليون دولار. وأما تأثير هذا اللوبي فيكاد يكون أسطوريا خاصة فى السنوات الاخيرة التي عرف فيها نفوذا فاق ربما أكثر توقعاتهم طموحا.
مهامه تقوم على أجنحة ثلاثة. أحدها تنظيم سياسي من الجذور يبدأ من الجامعات وربما المدارس ويبنى مساكن طلبة الجامعات وجناح آخر هو الأبحاث السياسية المواكبة للأحداث والتى قد تسبقها أيضا بخطوة وخطوتين وأما الثالث فشبكة من الأعضاء النشيطين المنتشرين ممن يجيدوا حرفة الاتصالات والعلاقات والقدرة على المحاورة والإقناع
إنما كل تأثير لهذا اللوبي فى جانب وتشعبه داخل الادارة أي الحكم فى أمريكا بالسنوات الاخيرة هو جانب أخر والى درجة لا تكاد تصدق فالرجل الثانى فى السفارة الإسرائيلية بواشنطون ومعروف انه اختيار شخصي من نتنياهو كان موظفا فى ايباك لمدة 25عاما وقد حصل على الجنسية الإسرائيلية لهذا الغرض اسمه لينى بن دافيد ولابد سيقول قائل شيء طبيعي ان ينتقل من اللوبي الى السفارة إنما لنأخذ غيرها ستيفن روزن مدير الشئون الخارجية فى ايباك الذي كان يوما يدرس قبل ذلك العلاقات الدولية فى إحدى جامعات استراليا وكان له تلميذ يدعى مارتن انديك هو ذاته الذي يشغل حاليا منصب مساعد وزير الخارجية الامريكية لشئون الشرق الأدنى وكان لستيفن روزن قطب ايباك هذا تلميذ اخر هو دينيس روس الذي اصبح المهيمن على شئون "عملية السلام" في ادارة بوش الى ادارة كلينتون.
ترك روزن العمل فى مؤسسة راند فى عام 1982والتحق باللوبي "الاسرائيلي" ايباك واستطاع فيما بعد ان يتذكر تلميذه القديم مارتن انديك ويقنعه ان يحصل على إجازة من جامعة ماكاري فى سيدنى باستراليا ويجئ الى واشنطون ليعمل فى أحد مراكز الأبحاث والدراسات التابعة لايباك وهو معهد واشنطون لدراسات الشرق الأدنى بعدها بنحو عامين بدأ حكم ادارة كلينتون واختير مارتن انديك ليكون أحد مساعدي مستشار الأمن القومي فكان لزاما ان يحلف اليمين ما بين يوم وليلة ويتحول الى مواطن أمريكي ليتقلد المنصب الجديد بعدها عين سفيرا فى "اسرائيل" ومنها الى وزارة الخارجية الامريكية فى أكبر منصب مختص بالشرق الأدنى والأوسط والصراع العربي "الاسرائيلي" ويبدو ان خريجي اللوبي ذوو مواهب غير عادية مثل ستيف جروسمان وهو رئيس سابق لايباك يحتل اليوم منصب رئيس اللجنة القومية للحزب الديموقراطي ،أما أرنى كريستنسون وكان مديرا للشئون القانونية فى ايباك فقد أصبح رئيسا لطاقم مكتب رئيس مجلس النواب السابق نيوجينجريتش وحتى كبير مندوبي"سى ان ان " فى البيت الأبيض ولف بليتزر فهو الآخر من خريجي وظائف اللوبي ايباك وما هذه سوى عينة فقط
وفى الأسابيع الاخيرة اقام هذا اللوبي ضجة كبرى لابن جيمس زغبي الذي عين فى وظيفة صغيرة ضمن طاقم مكتب مارتن انديك واضطر الشاب الى تقديم استقالته 0 الملاحظة هى انهم لم يسجلوه كلوبي أجنبي وانما كمنظمة أمريكية تعمل وفق القانون الامريكى ووفق قواعد اللعب السياسى فيها حتى ولو كان اسمها بالكامل هو اللجنة الامريكية الإسرائيلية لشئون العلاقات وعلى ذلك فهذا اللوبي لا يقدم أموالا الى المرشحين للكونجرس إنما يجعل أعضاءه هم الذين يدعمون المرشحين بالأموال بل يحث اللوبي الأعضاء على ان يتطوعوا للعمل فى الحملات الانتخابية للمرشحين أو كمستشارين فهكذا توطد العلاقات واليكم عينة مما يقوم به أعضاء اللوبي المنتشرون كالشبكة بل قل كالأخطبوط بين أنحاء الولايات فهم يمولون و يستضيفون المناقشات السياسية بين المرشحين المتنافسين ويقيمون الولائم ويكتبون الخطابات الموجهة الى المرشحين فى دوائرهم . والثابت ان ما بين عامى 1994و 1996 اجتمع أعضاء من ايباك مع مالا يقل عن 6000 مرشح قبيل انتخابات مجلس النواب. ويبلغ عدد موظفي اللوبي ايباك 115 موظفا بالأجر ولهم ثمانية مراكز بين أنحاء الولايات المتحدة غير واشنطون العاصمة فهذا اللوبي فوق كل ما تقدم من مهام يرتب ويرعى زيارات أعضاء الكونجرس إلى "اسرائيل" ويوالى الاتصالات بفروع الحكومة الامريكية كافة فهل بعد ذلك نسأل كيف تؤثر "اسرائيل" كل هذا التأثير فى الأمريكيين؟
ليس معنى هذا ان نيأس بل نحاول تجميع الجهود العربية القائمة حاليا لا تفتيتها فأصوات الناخبين العرب قوة لا يستهان بها يوم يحدث تنظيم جدي أو تنسيق فيما بينهم جميعا ولقد بدأت البوادر فى الأعوام الاخيرة