* Moustafa Ghareeb * مصطفى غريب * المؤرخ "الاسرائيلي" "هرتسوغ" يفضح الاكاذيب التوراتية

المؤرخ "الاسرائيلي" "هرتسوغ" يفضح الاكاذيب التوراتية

الآثار التي اكتشفها اليهود تنفي قيام دولة "اسرائيل" التاريخية

جريدة الاتحاد

الاربعاء 8/3/2000


مقدمة:

التوراة مزورة ومحرفة وكل ما فيها مزاعم واباطيل.. فلا اليهود دخلوا مصر، ولا المصريون طردوهم فتاهوا في الصحراء ولا جبل سيناء كان هنا. ولا مملكة "اسرائيل" كانت موجودة.. ولا ولا ولا.. وبالتالي فان اغتصاب اليهود لارض فلسطين القائم على المزاعم التوراتية يصبح باطلا بباطل.

واهمية هذا الكلام انه ليس صادرا عن اية مرجعية عربية او اسلامية، ولا حتى عن مرجعية غربية موضوعية، بل عن واحد من اهم والمع المؤرخين وعلماء الآثار "الاسرائيليين" البرفسور "زئيف هرتسوغ".

هنا التحقيق يستعرض حيثيات هذه المسألة التاريخية/ السياسية البالغة الخطورة والتي لا بد من التساؤل عن تزامن طرحها الان بالذات في هذا المناخ الحافل بالكلام في هذه المرحلة بالذات.

 

ليس صحيحا ان بني "اسرائيل" دخلوا الى مصر. ليس صحيحا انهم غزوا مصر، وليس صحيحا انهم تقاسموا الحكم فيها لاحقا ما بين اسباط "اسرائيل" الاثني عشر.

هذا ما اثبتته المكتشفات الاثرية الاخيرة في "اسرائيل" وهذا ليس كل شيء، فالاخطر من كل ذلك ان مملكة "داوود" و"سليمان" المتحدة، التي تظهرها التوراة كقوة عظمى اقليمية في زمنها، لم تكن في الواقع اكثر من مجرد مملكة قبائيلية صغيرة.

والمؤرخ وعالم الآثار "الاسرائيلي" المعروف البرفسور "زئيف هرتسوغ" الذي نشر مقالة مدوية حول هذه المسالة في صحيفة "هآرتس" يقول بان الكثير الكثير من اليهود سوف يصابون بالصدمة والذهول عندما يعلمون بان اله "اسرائيل" المزعوم (يهوه) لم يكن الها بل رجلا عاديا متزوجا وعنده اولاد.. وبان الديانة "الاسرائيلية" القديمة لم تتحول الى ديانة توحيدية سوى عند نهاية مملكة "اسرائيل" وليس في زمن ما حدث على جبل سيناء.

وقد اشار "هرتسوغ" ايضا الى ان الغالبية العظمى من الباحثين العلميين في المسائل التوراتية وفي اركيولوجيا وتاريخ الشعب اليهودي، يعترفون الان صراحة بان الاحداث التاريخية المرتبطة بمسار اليهود مختلفة جذريا وفي العقم عن تلك الواردة في النصوص.

 

 متاحف كبرى

في السياق نفسه، تعترف اوساط المؤرخين العالميين بان علم اثار فلسطين لم يتطور كعلم الا في مرحلة متأخرة، وتحديدا عند نهاية القرن التاسع عشر، أي عندما تطورت علوم اثار مصر وبلاد ما بين النهرين والاغريق والرومان، وعندما اكتشفت نصوص ووثائق تاريخية متعلقة بتاريخ المنطقة.

وقد كانت تلك الحضارات والقوى الغنية جدا هدفا مميزا للاختصاصيين الباحثين عن تتبع الآثار الحقيقية للماضي السحيق، والعالمين اجمالا لحساب المتاحف العالمية الكبرى كمتاحف باريس ولندن وبرلين.

انما، كما يقول عالم الآثار الاسباني "فرانز لوبر" تميز علم اثار فلسطين آنذاك بتجاوز التعددية الجغرافية المشتتة لفلسطين نفسها. ذلك ان الظروف التي كانت قائمة في فلسطين القديمة لم تكن ملائمة لتطور مملكة كبيرة ولا لنشوء اية انجازات كبرى كالاهرامات المصرية او قصور بلاد ما بين النهرين.

وبذلك، فان الاركيولوجيا الفلسطينية لم تنشأ بفضل مبادرات المتاحف، بل على اساس دوافع دينية سياسية، يهودية صهيونية، مرتكزة على مزاعم وتفسيرات غير واقعية للروابط القائمة ما بين فلسطين و"الكتابات المقدسة" التوراتية!

والواقع ان حقول التنقيب الاثاري الاولى، في اريحا ونابلس، بدأ العمل بها من منطلقات مثبتة سلفا تقضي بالبحث عن اطلال المدن القديمة المذكورة في التوراة.

ويبرز هنا اسم "وليام فوكسويل اولبرايت"، رائد ومؤسس هذه التنقيبات الاثارية الفلسطينية التي انطلقت على يده في عشرينات القرن الماضي.. وكان "اولبرايت قد تخصص في تاريخ ولغات مملكة "اسرائيل" وحضارات الشرق الاوسط القديمة بتشجيع من والده المتدين اليهودي الاصولي.

وبذلك، فان الاركيولوجيا الفلسطينية لم تنشا بفضل مبادرات المتاحف، بل على اساس دوافع دينية سياسية، يهودية صهيونية، مرتكزة على مزاعم وتفسيرات غير واقعية للروابط القائمة ما بين فلسطين و"الكتابات المقدسة" التوراتية!

تقول مدرسة "ويلهاوزن" ببطلان الصفة التاريخية للتوراة التي تعتبر ان نصوصها قد اعيدت كتابتها بكثير من التحريف والتزوير، بل وبكثير من الاختلاق ايضا وخصوصا خلال مرحلة النفي الى بابل.

وعلى أي حال، فان المختصين العالميين بالابحاث التوراتية، والالمان منهم بصورة خاصة، يرون ان ما يسمونه "تاريخ العبرانيين" (القائم على سلسلة متتالية من الاحداث الكبرى التي تبدأ بابراهيم واسحق ويعقوب لتتواصل عبر الاقامة في مصر والاستعباد والتهجير ولتنتهي بغزو مصر ووقوعها تحت سيطرة قبائل بني "اسرائيل") كل ذلك التاريخ لم يكن سوى اعادة تركيب مصطنعة للاحداث لتوظيفها في خدمة غايات لاهوتية يهودية مسبقة.

 

 كنوز سليمان

"اولبرايت" ايضا كان يعترف بان التوراة هي نص تاريخي تعرض لعدة مراحل من اعادة الكتابة، لكنه كان مقتنعا بأنه اذا امكن ايجاد الآثار المتطابقة مع الازمنة التوراتية في فلسطين فان ذلك سيكون برهانا قاطعا على الحقيقة التاريخية للاحداث التي عاشها اليهود على الارض هناك.

وهكذا فان الاركيولوجيا التوراتية التي تطورت على يد "اولبرايت" وتلامذته، قامت بتركيز تنقيباتها الاثارية الكبرى في المواقع الفلسطينية التي اعتبرتها مواقع للاحداث التوراتية: "ايي"، "جيفيون"، "بيت حيان"، "بيت شميش"، "هازور"، "تأناش"، وغيرها.

ومنذ البداية كان المنهج الاولبرياتي مرسوما مسبقا، وقائما على توظيف اية مكتشفات اثارية كقطعة من البازيل المنسجمة مع الصورة التوراتية للماضي.. وبحيث تحول علم الآثار هنا من مجرد علم يسعى الى اكتشافات جديدة والى بناء مفاهيم جديدة قائمة على اساس تلك الاكتشافات، الى مجرد وسيلة مصطنعة قائمة على ضرورة اكتشاف ما يؤكد الحقبة التوراتية: من الممالك والهياكل والمدن الكنعانية التي دمرها بنو "اسرائيل" لدى غزوهم فلسطين، الى الحدود الفاصلة ما بين مناطق حكم الاسباط "الاسرائيلية" الى كنوز الملك سليمان في "تيمنة" القريبة من "ايلات". غير ان الفجوات العلمية والمنطقية سرعان ما بدأت تظهر في تلك الرسوم الاركيولوجية الاولبراتية المسبقة.. وبحيث ان المكتشفات الاثارية اظهرت بطلان الرواية التوراتية للاحداث بدل تأكيدها وهنا بعض الشواهد الكبرى على ذلك.

 

 المنفى، الصحراء وجبل سيناء

رغم وفرة الوثائق الاثارية التاريخية المصرية، فلا واحدة منها تتضمن ادنى اشارة الى وجود بني "اسرائيل" في مصر او الى اية عملية نفي او طرد لهم. اما الاشارات الدالة على عادات الرعيان البدو بالمجيء الى دلتا النيل بمصر خلال مواسم الجفاف والقحط، فلا علاقة لها بمزاعم الاقامة "الاسرائيلية" في مصر.

وقد سعت اجيال من الباحثين وعلماء الاثار الى الربط بين جبل سيناء وبين امكنة تيه اليهود في الصحراء، غير ان احدا منهم لم يعثر على أي مكان يتطابق مع الامكنة المذكورة في الاحداث التوراتية مع الاشارة الى محاولات مماثلة لتحديد موقع جبل سيناء في شمالي الحجاز او في جبل كركوم في النقيب، لكن هذه المزاعم ايضا ليس لها نص اثاري او تاريخي يؤكد صحتها.

 ومن هنا فان غالبية العلماء يميلون الان الى اعتبار ان "احداث" اقامة اليهود في مصر وطردهم منها وتشردهم في صحرائها لم تكن تشمل (اذا كانت حصلت فعلا) سوى عدد ضئيل من العائلات التي جرى لاحقا تضخيم عددها لتوظيفها في خدمة الدعاوى الدينية/ السياسية لليهود.

 

الغزو المزعوم

يشكل "حدث" التدمير الكنعاني لمملكة "اسرائيل" اللحظة الاكثر حساسية وسخونة في رواية تاريخ بني "اسرائيل". غير ان المكتشفات الاثارية في "ارض الحدث" وخصوصا في "اريحا" و"ايي" المدينتين اللتين تذكر التوراة تدميرهما، جاءت مخيبة تماما للآمال اليهودية "الاسرائيلية" المعاصرة.

لقد اظهرت تلك المكتشفات ان حروبا وغزوات حصلت في تلك المنطقة فعلا لكن عند اواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد.. أي في العصر البرونزي المتأخر الذي لم تكن قد نشأت هناك اية مدن لتغزى او حتى اية جدران لتدمير! ومعنى ذلك ان عمليات الغزو والتدمير المذكورة في التوراة المزعومة لم تكن في الواقع سوى مجرد اساطير شعبية لاهوتية الطابع والهدف.

ومعنى ذلك ايضا، كما يقول "زئيف هرتسوغ" المؤرخ "الاسرائيلي" المناهض للمزاعم التوراتية، ان جميع الروايات التوراتية وحروب بني "اسرائيل" بقيادة "يشوع بن نون" لا تستند الى أي واقع حقيقي.

المدن الكنعانية: يقول "هرتسوغ" تبالغ التوراة كثيرا في تصوير قوة تحصينات المدن الكنعانية التي يقال بان بني "اسرائيل" قد غزوها:

"مدن كبيرة ومحصنة ومرتفعة حتى السماء"(السفر 9ـ1).

في حين اظهرت جميع المكتشفات الاثرية ان مدن تلك المرحلة لم تكن تحتمي باية تحصينات عدا قصر الحاكم والامير. الى ذلك فان الثقافة المعمارية التي كانت سائدة في فلسطين عند نهاية العصر البرونزي لم تكن تضع احتمالات الغزو العسكري في حساباتها.. كما يؤكد "هرتسوغ" بان الوصف التوراتي لا يتطابق اطلاقا مع الواقع الجيوسياسي للمنطقة. ذلك ان فلسطين كانت في الواقع تحت السيطرة المصرية وقد ظلت كذلك حتى منتصف القرن الثاني عشر بعد الميلاد. اضافة الى ان المراكز الادارية المصرية كانت واقعة في غزة ويافا وبيت شيئان، ومن المستغرب ان التوراة لم تذكر اطلاقا ذلك الوجود المصري في نصوصها المزعومة.

يقول "هرتسوغ" يبدو وكأن كاتب التوراة، وزملاءه الذين قاموا بمراجعة ما كتب، لم يكونوا على معرفة بتلك الحقائق التاريخية التي لا تحتاج الى دلائل.

 

 اصل بنو "اسرائيل"

من هم بنو "اسرائيل" اذن؟ من اين جاءوا؟ واين اقاموا؟ وما هي هويتهم القومية الحقيقية؟

في غياب اية دلائل على طردهم من مصر وعلى تيههم في الصحراء، وفي غياب اية دلائل على تحصينات مدنية في تلك الازمنة، فلا بد من التساؤل عن اصل بني "اسرائيل"؟

يقول "زئيف هرتسوغ" ان المكتشفات الاثرية تؤكد بصورة قاطعة حقيقة بالغة الاهمية ومفادها: انه في بداية العصر الحديدي (أي في العام 1200 قبل الميلاد) اقامت مئات الجاليات الصغيرة في منطقة التلال والهضاب الواقعة في وسط فلسطين المسكونة بمزارعين يعملون في زراعة الارض وتربية الخراف، وقد اشار ""اسرائيل" فنكلشتاين" استاذ علم الآثار في جامعة تل ابيب الى احتمال ان يكون بنو "اسرائيل" متحدرين من رعاة بدو نزلوا في المنطقة خلال العصر البرونزي المتأخر، حيث ان انهيار او تردي النظام المدني والزراعي في الاراضي الواطئة دفع البدو الى انتاج حبوبهم بانفسهم مما جعلهم يتحولون لاحقا الى التعدين تحت ضغط الحاجة الى الادوات اللازمة للعمليات الزراعية.

 

 المملكة.. المتحدة

هنا ايضا يشير "هرتسوغ" الى ان المكتشفات الاثرية اظهرت بطلان ما تضمنته النصوص التوراتية حول وجود اية مملكة متحدة، يهودية، بين داوود وسليمان، تصف التوراة هذه المرحلة باعتبارها عصرا ذهبيا لانتعاش القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية لبني "اسرائيل" آنذاك.

وبحسب النصوص التوراتية، فقد امتدت مملكة داوود/ سليمان "الاسرائيلية" المتحدة من الفرات الى غزة.. غير ان المكتشفات الاثرية في تلك المنطقة دلت على ان حركة العمارة المدنية والعسكرية كانت ضئيلة العدد ومتواضعة الحجم آنذاك. وهكذا فان المدن الثلاث، "هازور" و"مجيدو" و"جيزر" المعتبرة في التوراة ضمن انجازات الملك سليمان الكبرى، كانت هدفا ثمينا لفرق ابحاث التنقيب الاثارية، لكن بدون العثور على أي شيء ذي قيمة فعلية. ففي "هازر" المدينة الوحيدة التي يمكن اعتبارها "محصنة" لم تكن المساحة تتجاوز الثلاثة هكتارات لحوالي سبعمئة من السكان خلال العصر البرونزي.

وفي "جيزر"، لم يكن هناك على ما يبدو سوى قلعة صغيرة محاطة بجدار صغير.. في حين لم يتكن "مجيدو" اية تحصينات على الاطلاق.

 

 اختراع مملكة

المكتشفات الاثرية الاخيرة في القدس جاءت لتزيد المسألة تعقيدا خصوصا وان هذه المدينة المقدسة كانت عاصمة المملكة المتحدة المذكورة في المزاعم التوراتية. فالحفريات التي حصلت في القسم الاعظم من القدس خلال المئة وخمسين عاما الفائتة، اتاحت اكتشاف اثار مهمة لمدن قديمة عائدة الى منتصف العصر البرونزي والى العصر الحديدي الثاني (مرحلة زمن جودا). في حين لم يعثر على أي شيء يدل على وجود "المملكة". من هنا، وكما يقول "زئيف هرتسوغ" فمن الواضح ان "قدس داوود وسليمان" كانت مدينة صغيرة مع قلعة صغيرة مخصصة لقصر الملك ـ هذا اذا كانت قد قامت بالفعل ـ انما يمكن الجزم بصورة قاطعة بان القدس لم تكن اطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية.

الى هنا يضيف "هرتسوغ" يبدو ان الذين قاموا بكتابة نصوص التوراة كانوا يعرفون قدس القرن الثامن قبل الميلاد بجدرانها وبثقافتها الغنية التي تم العثور على بقايا آثارية دالة عليها في انحاء مختلفة من القدس بواسطة التنقيبات الاثارية في المدينة.. وهذا ما جعل هؤلاء الكتاب المزورين يخترعون قصة المملكة "الاسرائيلية" المتحدة.

اضافة الى ان مدينة القدس لم تكتسب دورها المهم سوى بعد تدمير السامرة، منافستها الشمالية، في العام 722 قبل الميلاد.

 

 يهوه

كم كان عدد الالهة التي كان يعبدها بنو "اسرائيل"؟

"هرتسوغ" يطرح هذا السؤال بمرارة ساخرة، مشيرا الى ان المكتشفات المكتوبة باللغة العبرانية القديمة تظهر وجود زوجين من الالهة: "يهود" و"ايشراح"، مما يلقي ظلالا من الغموض على تاريخ بدء اعتماد وحدانية الاله في ممالك "اسرائيل" ويهودا.

ففي موقعي "قنطرة اجرود" في الجنوب الغربي لمرتفعات النقيب و"خربة الكوم" عند سفح جبال يهودا، تم العثور على كتابات عبرانية تذكر "يهوه وايشراحة"، "يهوه شومرون وايشراح" مما يعني اصرار كتاب التوراة على عدم قابلية الفصل ما بين الاله يهوه وزوجته ايشاح، وبحيث كانت الصلوات تردد الاسمين معا وهذا كاف بحد ذاته لتاكيد عدم امكان اعتماد وحدانية الالهة في "الدين الرسمي" لمملكة "اسرائيل" المزعومة.

 

 ارتداد السحر على الساحر

هكذا اذن، وبسلاح علم الآثار الذي اراد اليهود المعاصرون ان يستخدموه لاثبات حقهم التوراتي بفلسطين وبغيرها من الاراضي العربية، يظهر بطلان كل دعاواهم السياسية والتاريخية القائمة على الاباطيل التوراتية المزورة.

والمؤرخ "الاسرائيلي" "زئيف هرتسوغ" يستغرب بقاء انكشاف هذه الحقائق الخطيرة مجهولة بصورة شبه تامة لدى الغالبية العظمى من احفاد داوود وسليمان، بل انها قوبلت بانتقادات شديدة لدى المثقفين "الاسرائيليين" الذين اعتبروها "مجرد محاولات مشبوهة لاغراق امجاد تاريخنا الساطع في الوحول" خصوصا وان الاعتراف باكذوبة مملكة "اسرائيل" القديمة يعني حتما الاعتراف باكذوبة" دولة "اسرائيل"" الجديدة التي قامت على اساس الاكذوبة القديمة.

الى ذلك فان من شان هذه "الفضائح التوراتية" كما يقول "زئيف هرتسوغ" ان تؤدي الى تعميق وتعقيد الازمة القائمة اصلا في "اسرائيل" ولدى اليهود بصورة عامة والمتمثلة بتحديد طبيعة الانتماء اليهودي انطلاقا من السؤال الشهير: من هو اليهودي؟

ويشير "هرتسوغ" هنا الى الانتقادات الشديدة والمعارضة الشرسة التي كان يقابله فيها الجمهور اليهودي ـ في "اسرائيل" والخارج ـ خلال القائه لمحاضرات تتعلق بكشف اباطيل المزاعم التوراتية.. لافتا الى انتقادات ومعارضة لا تقل شراسة كان يقابله فيها المسيحيون الاصوليون ايضا.

 

اسحق بن آرون

كيف ينظر السياسيون والمفكرون "الاسرائيليون" الى طروحات "زئيف هرتسوغ"؟

"اسحق بن آرون" الزعيم التاريخي لليسار "الاسرائيلي" يقول: "ان هرتسوغ لم يات بشيء جديد، فنظريته حول المكتشفات الاثارية التي تشكل تكذيبا لنصوص التوراة موجودة قبله في العشرات من الابحاث الجامعية وانه لمن الضروري والمفيد فعلا النظر الى الاشياء من زوايا علمية وتاريخية، ومن الطبيعي ان علم الاثار الحديث يشكل مساعدا ثمينا في هذا المجال".

ويضيف "بن آرون": "ان وجهة النظر القائلة بان كل ما ورد ذكره في التوراة هو مجرد مرويات اسطورية او مسائل تاريخية مستوحاة من مصادر بابلية او غيرها، هي وجهة نظر غير موضوعية وخارجة بالتأكيد عن الحقوق اليهودية المشروعة بارض الميعاد".

 

 يوسي ساريد

اما "يوسي ساريد" وزير التربية في الحكومة "الاسرائيلية" الحالية فيقول: "لست على معرفة تامة بعناصر هذه المسالة التي تبدو لي على جانب من الاهمية، ان وزارة التربية حريصة جدا على اطلاع تلامذتها على جميع الطروحات والنظريات مهما كانت".

ويقول "يوسف طعمة" عضو الكنيست "الاسرائيلي" : "انا مع راي ديفيد بن غوريون القائل باعتبار التوراة ابتكارا يهوديا اساسيا.. فلماذا يريد البروفيسور "هرتسوغ" شطب هذا التراث العظيم من تاريخنا؟!.

 

 شلومو

اما الفيلسوف "الاسرائيلي" "يوسف بن شلومو" فيرى بان علم الآثار، كما الدراسات التوراتية، ليست علما صحيحا.. انما المهم ان البروفيسور "هرتسوغ" يبدو انه محدود الافق مما جعله عاجزا عن فهم التفسيرات الثقافية لهذه المسألة.

ويضيف "بن شلومو" سواء كانت مزعومة او غير مزعومة فان قصة طرد اليهود من مصر المذكورة في التوراة تشكل واحدا من اكبر الرموز التاريخية في تاريخ البشرية"!

ويقول الشاعر "الاسرائيلي" "نعومي شامير" لست خبيرا في الآثار.. لكن لست ادري ماذا يهمني، كاسرائيلي الان، اذا كان هذا الحدث او ذاك حصل او لم يحصل منذ مئات او آلاف السنين وحتى على افتراض ان الاحداث كانت مجرد اساطير، فانني اعتبر ان هذه الاساطير اكثر مصداقية واكثر حقيقية من جميع حقائق العالم"!