* Moustafa Ghareeb * مصطفى غريب*الصهيونية والحرب النفسية

الصهيونية والحرب النفسية

د.محمد احمد النابلسي

الامين العام للاتحاد العربي لعلم النفس


مقدمة:

اليهودي هو انسان احدب ونحيف، ذو نظرة غريبة، ضعيف ومتمارض، عيناه عصبيتان، له ضفائر سوداء وذقن، شاحب وتتبدى عليه بسرعة علائم الشيخوخة والتجاعيد والرعشة، يرتدي ملابس اوروبية باهتة وبالية، وعلى رأسه قبعة او طاقية.

اما من حيث الشخصية فهو منغلق وغريب في كل مكان، يستولي عليه الخوف والشك، يبتعد عن مخالطة الناس، ثقيل الحركة ويفتقر إلى اليقظة والنشاط، ليس لديه تقدير لذاته، منحط، صامت، خجول، مرتبك، روتيني يعجز عن الاستمتاع بالمباهج.

هذه الصورة ليست من صنع معادين للسامية، بل هي نتيجة دراسة نفسية قام بها الباحثان الاسرائيليان تامارين وبن تسفي في العام 1969 وهدفت إلى تبين صورة اليهودي الشتاتي في عيون يهود السابرا. وعلينا نحن ان نتأكد من ان هذه الصورة كانت اكثر قتامة قبل حرب 1967 وانها بالتأكيد اشد ظلامية في عيون غير اليهود. لذا كان من الطبيعي ان تتركز الحرب النفسية للحركة الصهيونية على ترميم هذه الصورة. ومتابعة الجهود الصهيونية في هذا المجال نجد انها اعتمدت على الشخصيات اليهودية او ذات الاصول اليهودية. ولو كانوا يتنكرون ليهوديتهم.

ـ تخليص اليهودي من اسر الاساطير عن طريق اعتماد العلمانية وتخليق اساطير جديدة مستوحاة من التراث اليهودي.

ـ تجنب الصدام مع التراث الاوروبي المعادي للسامية. وانتهاز فرصة عداء النازي لها لتفجير هذا الصدام. ومن هنا التركيز على الهولوكست.

ـ التآمر على أعداء الفكر الصهيوني وتشويه صورتهم. وهؤلاء الاعداء هم:

أ ـ العرب بصفتهم أعداء دائمين ومشتركين وتاريخيين.

ب ـ اليهود الذين يربطون قيامة "اسرائيل" بظهور المشياح.

ج ـ اليهود المعادون مبدئيا للصهيونية.

د ـ الايديولوجيون المعادون للصهيونية.

اما عن السبل التي سلكتها الصهيونية لتحقيق هذه الاهداف فيمكن تلخيصها على النحو التالي:

1ـ تأمين التمويل من اثرياء اليهود وتسخير نفوذهم لمصلحة الحركة.

2ـ استغلال الانتشار اليهودي في العالم وتشجيعه لاعتناق الصهيونية عن طريق اقامة المؤسسات الصهيونية في بلدان الانتشار.

3ـ تعميم الذعر في الهولوكوست على يهود العالم لدفعهم إلى اعتناق الصهيونية.

4ـ استغلال الظروف الدولية لتشجيع الهجرة إلى فلسطين.

وهذا استغلال اتخذ اشكالات مختلفة منها:

أ ـ الاتفاق مع النازية لتهجير اليهود تحت طائلة التهديد بالابادة.

ب ـ الضغط على الدول الشيوعية للسماح بهجرة يهودها إلى فلسطين.

ج ـ عقد صفقات تهجير جماعية وصولا إلى دفع بدل عن كل مهاجر.

بهذا نأمل ان نكون قد اختصرنا اهداف الحرب النفسية ـ الصهيونية والسبل المستخدمة لتنفيذها.

لننتقل بعد ذلك إلى المحاور الرئيسية لهذه الحرب:

 

1ـ الشائعات بديلة الاساطير

ولقد فضحها غارودي في كتابة "الاساطير المؤسسة لدولة "اسرائيل"" حيث نقترح ابدال مصطلح "الاساطير" بمصطلح "الشائعات". فالاسطورة هي قناعة تاريخية لا يحتاج المؤمن بها لاثباتها. اما الشائعة فهي طرح راهن (او حديث العهد) يمكن التحري للتحقق من صحته. ومن ابرز الشائعات التي قامت عليها الحرب النفسية ـ الصهيونية نذكر:

أ ـ الهولوكوست : ونحن بغنى عن ترداد الشكوك حول المبالغات الصهيونية بشأنه. وحسبنا التذكير بالاستغلال اليكولوجي له. اذ تعرض صوره في معارض سنوية حتى اليوم. ويستغل في تفجير مشاعر الذنب تجاه اليهود. كما يستغل في احياء مشاعر الذعر والهلع عند يهود العالم. بما يرسخ "اسرائيل" كملاذ آمن لهم ويجبرهم على دعمها. ولعل من ابزر اسباب رواج هذه الشائعات تناغمها والتصاقها مع اسطورة "السبي اليهودي". بحيث يمكن اعتبار هذه الشائعة من نوع الشائعات الغاطسة الي تظهر وتختفي ثم تعاود الظهر فتستقبل بالقول والتصديق. وعلى هذا النوع من الشائعات تركزت الحرب النفسية ـ الصهيونية. التي يمكن اختصارها باعادة احياء الاساطير على شكل شائعات غاطسة.

ب ـ معادلة بن غوريون: اطلق بن غوريون هذه المعادلة عقب نكبة 1948 عندما كان عدد سكان "اسرائيل" 700.000 وعدد السكان العرب 28 مليون. فرأى ان الصهيونية انتصرت بنسبة يهودي واحد إلى اربعين عربيا. وهذه المعادلة تتناغم مع اسطورة "الشعب المختار" وتفوق اليهود على الاغيار. بل اننا نلاحظ ان الشخصية اليهودية القائمة على اساطير قد حولت هذه المعادلة إلى اسطورة. لذلك راحت "اسرائيل" تبذل جهودا مستميتة لتأمين هجرة يهودية (روسيا، الفالاشا وغيرهم) من اجل الحفاظ على هذه المعادلة. وهم يرون في اختلالها خطرا على استمرارية "اسرائيل".

ج ـ شائعة "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض": وهي شائعة تلامس اسطورة "ارض الميعاد". لكن الوقائع التاريخية تبين ان اليهود كانوا يملكون نسبة 3.5% من الارض عند صدور وعد بلفور عام 1917و 6.5% منها عند صدور قرار التقسيم عام 1947 ثم اصبحوا يملكون 93% من الارض في العام 1983. وتفاوت هذه النسب يبين كذب هذه الشائعة كما يبين حجم الاحتيال "الاسرائيلي" في مصادرة الاراضي. ولقد نشر "اسرائيل شاحاك" قائمة باسماء 385 قرية فلسطينية ازيلت بالجرافات من اصل 475 قرية كانت مسجلة في العام 1948. وهذا يقدم الدليل القاطع على ممارسة "اسرائيل" للتطهير العرقي في محاولة لتحويل هذه الشائعة إلى واقع.

د ـ شائعة ""اسرائيل" دولة عظمى": لقد عاد اليهود الذين اقاموا مستعمرة "بتاح تكفا" ومعهم الهجرات اللاحقة لغاية العام 1947 بناء على وعد صهيوني باقامة دولة يهودية بالتوافق مع الدول العربية المحيطة بها وبدون حروب. بل تضمن الوعد احتمال انضمام هذه الدولة إلى فيديرالية عربية. وذلك بحيث تستبدل اسطورة "اسرائيل الكبرى" بشائعة "اسرائيل العظمى" التي تستغل دول الجوار وتتحول بذلك إلى دولة صناعية عظمى.

وتتبدى تراجع الصهيونية عن هذه الشائعة عبر عصاباتها الارهابية التي افتتحت ارهاب الحرب العالمية الثانية وما بعدها.

وبالرغم من اقامة الدولة اليهودية على حكم زعماء العصابات والارهاب فان الصهيونية لم تتخلى يوما عن هذه الشائعة.

وهنا اتوقف للاشارة إلى ان الدعم العسكري المطلق الذي تلقاه "اسرائيل" يبرر تفوقها العسكري. لكن هذا التفوق لم يمكنها من تحقيق هذه الشائعة وحسب الشعوب العربية انها تصدت لهذا الحلم "الاسرائيلي". الذي نراه اليوم وهو يعاود الظهور تحت مسميات "الشرق اوسطية" و"تطبيع ما بعد السلام" وغيرها من المسميات.

 

2ـ تلميع صورة اليهودي

وهي المهمة الاصعب التي واجهت الصهيونية.فقد ترسخت عورات هذه الصورة عبر قرون واصبحت جزءا من التراث الانساني. وقد بلغت هذه الصورة حدا من السوء جعل اليهود انفسهم يرفضونها وينفرون منها. وحسبنا هنا التذكير بما يقوله مؤلف الموسوعة اليهودية الدكتور عبدالوهاب المسيري. اذ يؤكد بان الحضارة الغربية قد ذوبت اليهود فلم تبقي منهم سوى اعداد ضئيلة وهم كانوا مرشحين لان يحصوا عشرات الملايين لولا تذويبهم في الحضارة الغربية. وبهذا يلتقي المسيري مع علماء المستقبليات الذين يؤكدون على كون الحضارة الغربية حضارة مذوبة.

مهما يكن فان المهمة كانت عسيرة وتطلبت جهودا غير اعتيادية. وهي تضمنت الخطوات التالية:

أ ـ ابراز الشخصيات اليهودية: انطلقت الصهيونية من منطلقات علمانية بما يعني انها رافضة للصورة اليهودية التقليدية. وهذا الرفض ينسحب على الشخصيات اليهودية المعاصرة لنشوء الصهيونية. بل ربما امكن القول بان هذا الرفض المشترك هو الذي اعطى للصهيونية امكانيات الانطلاق والتحرك.

وهكذا كانت الصهيونية في حل من اعتماد التصنيف الديني لليهود. فراحت تباهي وتبرز الشخصيات اليهودية حتى ولو كانت ملحدة ورافضة للدين اليهودي. فتمكنت عبر علمانيتها وعبر هذه الشخصيات من اظهر اليهودي بمظهر "العبقري المتفوق". هذا النجاح كان ابرز انتصارات الحرب النفسية ـ الصهيونية. وهو احد اخطر الشائعات الصهيونية. حتى ان غالبيتهم كانت رافضة لانتمائها اليهودي. وحسبنا هنا التذكير بما ورده فرويد (اليهودي) في كتابه المعنون "موسى والتوحيد" ومنه نقتطف:

"كانت الشروط السياسية (ايام موسى) تتنافى مع تحول الإله اليهودي (وهو قومي محض) إلى اله كوني. فمن اين تأتي لهذا الشعب الصغير البائس والعاجز صلف الادعاء بأنه الابن الحبيب للرب…".

"… انه لما يبعث على الدهشة ان يختار الإله لنفسه على حين بغتة شعبا من الشعوب ليجعل منه شعبه المختار… ان هذه الواقعة يتيمة في تاريخ الإنسانية فقد بحدث ان يختار شعب من الشعوب إلها جديدا، ولكن لم يحدث قط ان اختار اله من الآلهة شعبا جديدا".

ب ـ التشبه بالمعتدي: وهذا التشبه هو احد آليات الدفاع النفسي. حيث يحاول المخطوف التقرب من خاطفه والتشبه به بهدف الدفاع عن نفسه وجلب الاطمئنان لها. وهذا تحديدا ما فعلته الصهيونية منذ قيامها. حيث تشبهت بالمعتدي باعتناقها القيم العلمانية التي تتناقض مع الشخصية اليهودية وتلغيها. وعن طريق هذا التشبه تمكنت الصهيونية من طر مفهوم " صورة اليهودي الجديد". وقد لاقى هذا الطرح نجاحا فكان السبب في تشجيع الصهيونية على متابعة سلسلة من التشبيهات بالمعتدي، ومنها نذكر:

1ـ التشبه بالمعتدي النازي: الذي تبدى في اتجاهين متعاكسين. احدهما التعامل مع المخابرات النازية وخدمتها (كما فعل اسحق شامير مثلا الذي اعقل متلبسا بالتعامل مع النازي في دمشق العام 1941). وثانيهما بتأليف عصابات ارهابية تقلد المعتدي من حيث عدوانيته.

2ـ التشبه بالمعتدي البراغماتي: كان الاميركيون منذ مطلع هذا القرن شديدو الحذر من الخطر اليهودي. حيث قادتهم براغماتيتهم إلى تفضيل عدم قبول اليهود على قبولهم وتذويبهم في ما بعد (كما فعل الاوروبيون). لكن الصهيونية تشبهت بهذا العدو البراغماتي لدرجة اقامة دولة بدون تاريخ على غرار دولته (أي الولايات المتحدة). بل ان التشبه الصهيوني بالولايات المتحدة قد بلغ حدود اعتبار "اسرائيل" الولاية الثالثة والخمسين. بما يستتبعه ذلك من اعتبار اية ادانة لـ"اسرائيل" ادانة للولايات المتحدة نفسها. فاللاجئون الفلسطينيون يقابلهم الهنود الحمر. وملكية الاسلحة النووية تقابلها قنابل هيروشيما وناغازاكي. ونابالم بحر البقر يقابله نابالم فيتنام وقس عليه.

ج ـ الكيبوتزات : كانت هذه المستعمرات الزراعية الاداة الرئيسية لتسويق صورة لامعة لـ"اسرائيل" ولليهودي الجديد، حيث طرحت هذه الكيبوتزات رمزا عالميا لتجمعات انسانية متحضرة. فكانت "اسرائيل" تستضيف فيها عشرات الآلاف من الشبان من مختلف انحاء العالم وتترك لسكان هذه المستعمرات مهمة اقناع هؤلاء بصورة "اليهودي الجديد". بل ان الصهيونية استعادت عن طريق هذه المستعمرات آلاف الشبان من ذوي الاصول اليهودية.

 

3ـ الحرب النفسية ضد العرب:

هنا نتساءل: "كيف تحول الجبان الذليل إلى معتد شرس؟" والاجابة الوحيدة على هذا السؤال تقدمها لنا السيكولوجيا وهي الالية الدفاعية، المذكورة اعلاه، المسماة التشبه بالمعتدي. والوقائع التاريخية تثبت لنا استعداد الصهيونية لمناقشة مسألة اقامة وطنها القومي في مكان آخر غير فلسطين. وفي هذا ما يثبت ان عداء الصهيونية للشعوب العربية هو عداء انتقائي واختياري. حيث انطلق هذا العداء من استعداء الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية ضد العرب. وذلك بناء على اغراءات متعددة اهمها:

أ ـ تحول اليهود إلى ارهابيين وممارستهم للارهاب على شعوب اوروبية. وبالتالي فانه من الافضل تقنين ارهابهم وتحويله نحو العرب.

ب ـ الخلاص من حثالات الغيتو المترسبة في دول متحضرة منذ قرون والعاجزة عن التكامل في مجتمعات تلك الدول.

ج ـ تقديم تعويض مادي لمذابح النازي التي اثارت رعب اليهود في شتى انحاء العالم. حيث كان للحرب النفسية دورها في اذاعة هذا الرعب.

د ـ الفوائد المادية على مختلف الصعد. حيث اقامة دولة تتطلب مستلزمات يقدمها اثرياء اليهود (في مقدمتها السلاح) وحيث توفير التعويضات وايضا الرشاوى الشخصية ـ الفردية المهمة حتى الان.

على هذه الاسس تم اختيار الشعوب العربية لتكون كبش الفداء. وتمكنت الصهيونية من جر الجميع إلى التواطؤ وقبول هذا الاختيار. بعد ان اصبحت تهمة "معاداة السامية" بمنزلة الفضيحة الاخلاقية الخاضعة لمحاكم نورمبرغ. وذلك دون تمييز بين عداء مبرر يأتي كردة فعل عدوان وبين عداء غير مبرر.

وهكذا بدأت الحرب النفسية ضد العرب باختيارهم بديلا للنازي وبالتالي اعداء للجميع الدول المنتصرة.

وبعد اطمئنان الصهيونية لاقامة دولتها بدأت الحرب النفسية ضد العرب. وهي حرب غير مرشحة للانتهاء حتى في مجال حصول السلام المستحيل. وتضمن هذه الحرب الخطوط العريضة التالية:

أ ـ تشويه صورة الانسان العربي.

ب ـ تعزيز تمثيل "اسرائيل" للحضارة الغربية بما من شانه تحويل أي عداء عربي تجاهها إلى عداء لهذه الحضارة.

ج ـ الحرب النفسية المباشرة.

 

4ـ تشويه صورة العربي:

ويعتمد هذا التشويه على اسس سيكولوجية محكمة تقوم على العناصر التالية:

أ ـ التصور الغربي للانسان العربي : وهي صورة بشعة رسمها الغرب من رؤية المستعمر. وبالتالي فانها صورة تغلب عليها المواقف العدوانية. وهي تتلخص كالآتي: ان العربي هو انسان منزو ومندفع وراء شهواته. وهو نزق لا يقيم وزنا الا لعنجهية عظامية (بارانويا). وهو لا يحترم اية مثل (بما فيها مثل مجتمعه) الا بمقدار تدعيمها لعظاميته. وهو متخلف وجاهل وعاجز عن استيعاب مبادىء المساواة لدرجة عجزه عن فهم مبدأ الطبقة الوسطى. وهو اما فقير معدم او ثري فاحش الثراء وهو انفعالي يمكن ان يصل إلى حدود التطرف الهوسي. (لا بد من الاشارة إلى اننا مدينون للاستشراق بهذه الصفات).

ومن الطبيعي ان تستغل الصهيونية هذه الصورة وان توظف امكانياتها الاعلامية (السينما خصوصا) لترسيخ قباحتها.

ب ـ التضليل الاعلامي: وقد مارسته الصهيونية لحدود الاستنفاد. واخطر صوره:

     1ـ اليهودية هي قومية (بدليل ان "اسرائيل" وطن قومي لليهود) اما العروبة فهي  

         ديانة (بدليل ان 80% من الاميركيين يعتقدون ان ايران وباكستان هي دول

        عربية).

     2ـ ان "اسرائيل" تملك تاريخا وانها اسبق من العرب في ملكيتها للارض. (ولكن

         ماذا عن المخطوطات التاريخية التي تخفيها "اسرائيل" وتمنع المؤرخين من       

        مجرد الاطلاع عليها؟).

    3ـ ان "اسرائيل" تحمي مصالح الغرب في المنطقة وهي بمنزلة الخادمة لمصالحه

       (ولكن ماذا عن الفقر الزاحف إلى دولنا النفطية؟).

ج ـ الارهاب العربي : يقاس نجاح "اسرائيل" في تسويق صورة العربي كانسان عدواني ارهابي عبر وقائع عديدة منها ان الاعلام الاميركي ومعه الرأي العام الاميركي وجها التهمة إلى العرب فور وقوع انفجار اوكلاهوما (الذي كان من صنع الميليشيات الاميركية البيضاء).

والخطير ان تهمة الارهاب العربي تكرست بابحاث اكاديمية تعتبر ان اصل الارهاب يعود إلى جماعة "الحشاشين" العربية. وبان هذه الجماعة هي التي اخترعت الارهاب.

 

5 ـ الحرب النفسية المباشرة:

وهي عموما حرب شائعات لكن صورتها الاكثر بشاعة هي تلك التي تمارسها الصهيونية ضد اليهود العرب. فهؤلاء ينتمون انتروبولجيا إلى الحضارة العربية وعرقيا إلى الشعوب العربية. لذلك تمارس عليهم الصهيونية تمييزا عنصريا بلغ حدود احتقار كرامتهم الإنسانية. وتكون نتيجة ذلك انهم مقبولين كيهود ومرفوضين كمواطنين كاملي الحقوق. ومن هنا تحول هؤلاء اليهود العرب إلى الحركات الدينية المتطرفة. ورغبتهم في الانتقام من أصولهم العربية من العرب عموما.

اما عن الشائعات الصهيونية فحدث بلا حرج. ومنها نذكر:

أ ـ معادلة بن غوريون: التي تدفع بالعربي للإحساس بضآلته وبعجزه أمام اليهودي ـ الصهيوني. وهذا مجرد شائعة لان الصهيونية تسلمت الارض على طبق من فضة بسبب الموافقة الدولية وليس بسبب انتصارها المدعوم خارجيا ايضا.

ب ـ شائعة اللجوء: اطلقت "اسرائيل" شائعة لا تزال تتداولها لغاية اليوم. قوام هذه الشائعة ان الفلسطينيين لم يهربوا من الابادة في مذابح على غرار كفر قاسم ودير ياسين. بل انهم تركوا ارضهم بناء على اوامر الجيوش العربية التي كانت تنوي ابادة اليهود بعد خروج العرب.

ج ـ شائعات الخيانة: وهي شائعات جاهزة ضد أي زعيم او مسؤول عربي يحرج "اسرائيل". اما المتعاملين معها فانهم يحظون بلقب "المتحضر الليبيرالي".

د ـ شائعة التضامن اليهودي: وشقها الآخر شائعة التشرذم العربي. فالتضامن بين سكان "اسرائيل" يستند فقط إلى وجود العدو العربي والى تغذية الصهيونية للرغبة اليهودية بالعدوان كسبيل وحيد للشعور بالامان. ودون ذلك فان يهود "اسرائيل" ليسوا سوى خليط من الاعراق والثقافات التي لا يجمعها جامع. وهم متشرذمون شرذمة الشتات الذي اتوا منه.

اما عن التشرذم العربي فهو حاصل ولم تم قياسه باللحظة السياسية ـ الاقتصادية الراهنة. لكن هذه ليست سوى لحظة. فالشعوب العربية باقية في ارضها ومتمسكة بها بدخل فردي لا يتجاوز الـ 10% من مثيله في "اسرائيل". لكن الفارق بين الاثنين هو الفارق بين الاسطورة وبين التاريخ.