*Moustafa Ghareeb* مصطفى غريب* الصهيونية والحرب النفسية

الصهيونية والحرب النفسية

د. محمد أحمد النابلسي

 الأمين العام للاتحاد العربي لعلم النفس.

مجلة الفكر السياسي السورية العدد الثامن شتاء 2000 السنة الثالثة


اليهودي هو إنسان أحدب ونحيف، ذو نظرة غريبة، ضعيف ومتمارض، عيناه عصبيتان، له ضفائر سوداء وذقن، شاحب وتتبدى عليه بسرعة علائم الشيخوخة والتجاعيد والرعشة، يرتدي ملابس أوروبية باهتة وبالية. وعلى رأسه قبعة أو طاقية.

أما من حيث الشخصية فهو منغلق وغريب في كل مكان. يستولي عليه الخوف والشك، يبتعد عن مخالطة الناس، ثقيل الحركة ويفتقر إلى اليقظة والنشاط. ليس لديه تقدير لذاته، منحط، صامت، خجول، مرتبك، روتيني يعجز عن الاستمتاع بالمباهج.

هذه الصورة ليست من صنع معادين للسامية. بل هي نتيجة دراسة نفسية قام بها الباحثان الإسرائيليان تامارين وبن تسفي في العام 1969 وهدفت إلى تبين صورة اليهودي الشتاتي في عيون يهود السابرا. وعلينا نحن أن نتأكد من أن هذه الصورة كانت أكثر قتامة قبل حرب 1967 وأنها بالتأكيد أشد ظلامية في عيون غير اليهود. لذا كان من الطبيعي أن تتركز الحرب النفسية للحركة الصهيونية على ترميم هذه الصورة. وبمتابعة الجهود الصهيونية في هذا المجال نجد أنها اعتمدت على الشخصيات اليهودية أو ذات الأصول اليهودية. ولو كانوا يتنكرون ليهوديتهم.

لذا عمد هؤلاء الى العديد من الإجراءات أهمها :

تخليص اليهودي من أسر الأساطير اليهودية عن طريق اعتماد العلمانية وتخليق أساطير جديدة مستوحاة من التراث اليهودي.

تجنب الصدام مع التراث الأوروبي المعادي للسامية. وانتهاز فرصة عداء النازي لها لتفجير هذا الصدام. ومن هنا التركيز على الهولوكوست.

التآمر على أعداء الفكر الصهيوني وتشويه صورتهم. وهؤلاء الأعداء هم:

أ-العرب بصفتهم أعداء دائمين ومشتركين وتاريخيين.

ب-اليهود الذين يربطون قيامة إسرائيل بظهور المشياح.

ج-اليهود المعادون مبدئياً للصهيونية.

د-الأيديولوجيون المعادون للصهيونية.

أما عن السبل التي سلكتها الصهيونية لتحقيق هذه الأهداف فيمكن تلخيصها على النحو التالي:

1-تأمين التمويل من أثرياء اليهود وتسخير نفوذهم لمصلحة الحركة.

2-استغلال الانتشار اليهودي في العالم وتشجيعه لاعتناق الصهيونية عن طريق إقامة المؤسسات الصهيونية في بلدان الانتشار.

3-تعميم الذعر في الهولوكوست على يهود العالم لدفعهم إلى اعتناق الصهيونية.

4- استغلال الظروف الدولية لتشجيع الهجرة إلى فلسطين.

وهذا استغلال اتخذ أشكالاً مختلفة منها:

أ- الاتفاق مع النازية لتهجير اليهود تحت طائلة التهديد بالإبادة.

ب-الضغط على الدول الشيوعية للسماح بهجرة يهودها إلى فلسطين.

ج- عقد صفقات تهجير جماعية وصولاً إلى دفع بدل عن كل مهاجر.

بهذا نأمل أن نكون قد اختصرنا أهداف الحرب النفسية -الصهيونية والسبل المستخدمة لتنفيذها. لننتقل بعد ذلك إلى المحاور الرئيسية لهذه الحرب وهي:

1-الشائعات بديلة للأساطير.

ولقد فضحها غارودي في كتابة "الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل" حيث نقترح إبدال مصطلح "الأساطير" بمصطلح "الشائعات". فالأسطورة هي قناعة تاريخية لا يحتاج المؤمن بها لإثباتها. أما الشائعة فهي طرح راهن (أو حديث العهد) يمكن التحري للتحقق من صحته. ومن أبرز الشائعات التي قامت عليها الحرب النفسية -الصهيونية نذكر:

أ-الهولوكوست: ونحن بغنى عن ترداد الشكوك حول المبالغات الصهيونية بشأنه. وحسبنا التذكير بالاستغلال السيكولوجي له. إذ تعرض صوره في معارض سنوية حتى اليوم. ويستغل في تفجير مشاعر الذنب تجاه اليهود. كما يستغل في إحياء مشاعر الذعر والهلع عند يهود العالم. بما يرسخ إسرائيل كملاذ آمن لهم ويجبرهم على دعمها. ولعل من أبرز أسباب رواج هذه الشائعة تناغمها والتصاقها مع أسطورة "السبي اليهودي". بحيث يمكن اعتبار هذه الشائعة من نوع الشائعات الغاطسة التي تظهر وتختفي ثم تعاود للظهور فتستقبل بالقول والتصديق. وعلى هذا النوع من الشائعات تركزت الحرب النفسية -الصهيونية. التي يمكن اختصارها بإعادة إحياء الأساطير على شكل شائعات غاطسة.

ب- معادلة بن غوريون: أطلق بن غوريون هذه المعادلة عقب نكبة 1948 عندما كان عدد سكان "إسرائيل " 700.000 وعدد السكان العرب 28 مليون. فرأى أن الصهيونية انتصرت بنسبة يهودي واحد إلى أربعين عربياً. وهذه المعادلة تتناغم مع أسطورة "الشعب المختار" وتفوق اليهود على الأغيار. بل إننا نلاحظ أن الشخصية اليهودية القائمة على أساطير قد حولت هذه المعادلة إلى أسطورة. لذلك راحت "إسرائيل " تبذل جهوداً مستميتة لتأمين هجرة يهودية (روسيا، الفالاشا وغيرهم) من أجل الحفاظ على هذه المعادلة. وهم يرون في اختلالها خطراً على استمرارية "إسرائيل" .

ج-شائعة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض": وهي شائعة تلامس أسطورة "أرض الميعاد". لكن الوقائع التاريخية تبين أن اليهود كانوا يملكون نسبة 3.5% من الأرض عند صدور وعد بلفور عام 1917 و 6.5% منها عند صدور قرار التقسيم عام 1947 ثم أصبحوا يملكون 93% من الأرض في العام 1983. وتفاوت هذه النسب يبين كذب هذه الشائعة كما يبين حجم الاحتيال الإسرائيلي في مصادرة الأراضي. ولقد نشر "إسرائيل شاحاك" قائمة بأسماء 385 قرية فلسطينية أُزيلت بالجرافات من أصل 475 قرية كانت مسجلة في العام 1948. وهذا يقدم الدليل القاطع على ممارسة إسرائيل للتطهير العرقي في محاولة لتحويل هذه الشائعة إلى واقع.

د-شائعة "إسرائيل دولة عظمى": لقد عاد اليهود الذين أقاموا مستعمرة "بتاح تكفا" ومعهم الهجرات اللاحقة لغاية العام 1947 بناءً على وعد صهيوني بإقامة دولة يهودية بالتوافق مع الدول العربية المحيطة بها وبدون حروب. بل تضمن الوعد احتمال انضمام هذه الدولة إلى فيديرالية عربية. وذلك بحيث تستبدل أسطورة "إسرائيل الكبرى" بشائعة "إسرائيل العظمى" التي تستغل دول الجوار وتتحول بذلك إلى دولة صناعية عظمى.

ويتبدى تراجع الصهيونية عن هذه الشائعة عبر عصاباتها الإرهابية التي افتتحت إرهاب الحرب العالمية الثانية ومابعدها.

وبالرغم من إقامة الدولة اليهودية على حكم زعماء العصابات والإرهاب فإن الصهيونية لم تتخلى يوماً عن هذه الشائعة.

وهنا أتوقف للإشارة إلى أن الدعم العسكري المطلق الذي تلقاه إسرائيل يبرر تفوقها العسكري. لكن هذا التفوق لم يمكنها من تحقيق هذه الشائعة ، وحسب الشعوب العربية أنها تصدت لهذا الحلم الإسرائيلي. الذي نراه اليوم وهو يعاود الظهور تحت مسميات "الشرق أوسطية" و "تطبيع مابعد السلام" وغيرها من المسميات.

2-تلميع صورة اليهودي:

وهي المهمة الأصعب التي واجهت الصهيونية. فقد ترسخت عورات هذه الصورة عبر قرون وأصبحت جزءاً من التراث الإنساني. وقد بلغت هذه الصورة حداً من السوء جعل اليهود أنفسهم يرفضونها وينفرون منها. وحسبنا هنا التذكير بما يقوله مؤلف الموسوعة اليهودية الدكتور عبد الوهاب المسيري. إذ يؤكد بأن الحضارة الغربية قد ذوبت اليهود فلم تبقي منهم سوى أعداد ضئيلة وهم كانوا مرشحين لأن يحصوا عشرات الملايين لولا تذويبهم في الحضارة الغربية. وبهذا يلتقي المسيري مع علماء المستقبليات الذين يؤكدون على كون الحضارة الغربية حضارة مذوبة.

مهما يكن فإن المهمة كانت عسيرة وتطلبت جهوداً غير اعتيادية. وهي تضمنت الخطوات التالية:

أ-إبراز الشخصيات اليهودية: انطلقت الصهيونية من منطلقات علمانية بما يعني أنها رافضة للصورة اليهودية التقليدية. وهذا الرفض ينسحب على الشخصيات اليهودية المعاصرة لنشوء الصهيونية. بل ربما أمكن القول بأن هذا الرفض المشترك هو الذي أعطى للصهيونية إمكانيات الانطلاق والتحرك.

وهكذا كانت الصهيونية في حلٍ من اعتماد التصنيف الديني لليهود. فراحت تباهي وتبرز الشخصيات اليهودية حتى ولو كانت ملحدة ورافضة للدين اليهودي. فتمكنت عبر علمانيتها وعبر هذه الشخصيات من إظهار اليهودي بمظهر "العبقري المتفوق". هذا النجاح كان أبرز انتصارات الحرب النفسية -الصهيونية. وهو أحد أخطر الشائعات الصهيونية. فهؤلاء العباقرة كانوا أبناء الحضارات التي عاشوا فيها والظروف الحضارية المتوافرة لهم. حتى أن غالبيتهم كانت رافضة لانتمائها اليهودي. وحسبنا هنا التذكير بما أورده فرويد (اليهودي) في كتابه المعنون "موسى والتوحيد" ومنه نقتطف:

".... كانت الشروط السياسية (أيام موسى) تتنافى مع تحول الإله اليهودي (وهو قومي محض) إلى إله كوني. فمن أين تأتى لهذا الشعب الصغير البائس والعاجز صلف الادعاء بأنه الابن الحبيب للرب...".

"... إنه لما يبعث على الدهشة أن يختار الإله لنفسه على حين بغتة شعباً من الشعوب ليجعل منه شعبه المختار،... إن هذه الواقعة يتيمة في تاريخ الإنسانية فقد يحدث أن يختار شعب من الشعوب إلهاً جديداً، ولكن لم يحدث قط أن اختار إله من الآلهة شعباً جديداً!

ب-التشبه بالمعتدي: وهذا التشبه هو أحد آليات الدفاع النفسي. حيث يحاول المخطوف التقرب من خطافه والتشبه به بهدف الدفاع عن نفسه وجلب الاطمئنان لها. وهذا تحديداً مافعلته الصهيونية منذ قيامها. حيث تشبهت بالمعتدي باعتناقها القيم العلمانية التي تتناقض مع الشخصية اليهودية وتلغيها. وعن طريق هذا التشبه تمكنت الصهيونية من طرح مفهوم "صورة اليهودي الجديد". وقد لاقى هذا الطرح نجاحاً فكان السبب في تشجيع الصهيونية على متابعة سلسلة من التشبيهات بالمعتدي، ومنها نذكر:

1- التشبه بالمعتدي النازي: الذي تبدى في اتجاهين متعاكسين. أحدهما التعامل مع المخابرات النازية وخدمتها (كما فعل اسحق شامير مثلاً الذي اعتقل متلبساً بالتعامل مع النازي في دمشق العام 1941). وثانيهما بتأليف عصابات إرهابية تقلد المعتدي من حيث عدوانيته.

2- التشبه بالمعتدي البراغماتي: كان الأميركيون منذ مطلع هذا القرن شديدو الحذر من الخطر اليهودي. حيث قادتهم براغماتيتهم إلى تفضيل عدم قبول اليهود على قبولهم وتذويبهم في مابعد (كما فعل الأوروبيون). لكن الصهيونية تشبهت بهذا العدو البراغماتي لدرجة إقامة دولة بدون تاريخ على غرار دولته (أي الولايات المتحدة). بل إن التشبه الصهيوني بالولايات المتحدة قد بلغ حدود اعتبار إسرائيل الولاية الثالثة والخمسين. بما يستتبعه ذلك من اعتبار أية إدانة لإسرائيل إدانة للولايات المتحدة نفسها. فاللاجئون الفلسطينيون يقابلهم الهنود الحمر. وملكية الأسلحة النووية تقابلها قنابل هيروشيما وناغازاكي. ونابالم بحر البقر يقابله نابالم فيتنام وقس عليه.

ج-الكيبوتزات: كانت هذه المستعمرات الزراعية الأداة الرئيسية لتسويق صورة لامعة لإسرائيل ولليهودي الجديد، حيث طرحت هذه الكيبوتزات رمزاً عالمياً لتجمعات إنسانية متحضرة. فكانت إسرائيل تستضيف فيها عشرات الآلاف من الشبان من مختلف أنحاء العالم وتترك لسكان هذه المستعمرات مهمة إقناع هؤلاء بصورة "اليهودي الجديد". بل إن الصهيونية استعادت عن طريق هذه المستعمرات آلاف الشبان من ذوي الأصول اليهودية.

3-الحرب النفسية ضد العرب:

هنا نتساءل: "كيف تحول الجبان الذليل إلى معتد شرس؟" والإجابة الوحيدة على هذا السؤال تقدمها لنا السيكولوجيا وهي الآلية الدفاعية، المذكورة أعلاه، المسماة بالتشبه بالمعتدى. والوقائع التاريخية تثبت لنا استعداد الصهيونية لمناقشة مسألة إقامة وطنها القومي في مكان آخر غير فلسطين. وفي هذا مايثبت أن عداء الصهيونية للشعوب العربية هو عداء انتقائي واختياري. حيث انطلق هذا العداء من استعداء الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية ضد العرب. وذلك بناء على إغراءات متعددة أهمها:

أ-تحول اليهود إلى إرهابيين وممارستهم للإرهاب على شعوب أوروبية. وبالتالي فإنه من الأفضل تقنين إرهابهم وتحويله نحو العرب.

ب-الخلاص من حثالات الغيتو المترسبة في دول متحضرة منذ قرون والعاجزة عن التكامل في مجتمعات تلك الدول.

ج-تقديم تعويض مادي لمذابح النازي التي أثارت رعب اليهود في شتى أنحاء العالم. حيث كان للحرب النفسية دورها في إذاعة هذا الرعب.

د-الفوائد المادية على مختلف الصعد. حيث إقامة دولة تتطلب مستلزمات يقدمها أثرياء اليهود (في مقدمتها السلاح) وحيث توفير التعويضات وأيضاً الرشاوى الشخصية -الفردية المهمة حتى الآن.

على هذه الأسس تم اختيار الشعوب العربية لتكون كبش الفداء. وتمكنت الصهيونية من جر الجميع إلى التواطؤ وقبول هذا الاختيار. بعد أن أصبحت تهمة " معاداة اليهود" بمنزلة الفضيحة الأخلاقية الخاضعة لمحاكم نورمبرغ. وذلك دون تمييز بين عداء مبرر يأتي كردة فعل عدوان وبين عداء غير مبرر.

وهكذا بدأت الحرب النفسية ضد العرب باختيارهم بديلاً للنازي وبالتالي أعداءً لجميع الدول المنتصرة".

وبعد اطمئنان الصهيونية لإقامة دولتها بدأت الحرب النفسية ضد العرب. وهي حرب غير مرشحة للانتهاء حتى في مجال حصول السلام المستحيل. وتضمنت هذه الحرب الخطوط العريضة التالية:

أ-تشويه صورة الإنسان العربي.

ب-تعزيز تمثيل إسرائيل للحضارة الغربية بما من شأنه تحويل أي عداء عربي تجاهها إلى عداء لهذه الحضارة.

ج-الحرب النفسية المباشرة.

4-تشويه صورة العربي:

ويعتمد هذا التشويه على أسس سيكولوجية محكمة تقوم على العناصر التالية:

أ-التصور الغربي للإنسان العربي: وهي صورة بشعة رسمها الغرب من رؤية المستعمر. وبالتالي فإنها صورة تغلب عليها المواقف العدوانية. وهي تتلخص كالآتي: إن العربي هو إنسان منزوٍ ومندفع وراء شهواته. وهو نزق لايقيم وزناً إلا لعنجهية عظامية (بارانويا). وهو لايحترم أية مثل (بما فيها مثل مجتمعه) إلا بمقدار تدعيمها لعظاميته. وهو متخلف وجاهل وعاجز عن استيعاب مبادئ المساواة لدرجة عجزه عن فهم مبدأ الطبقة الوسطى. وهو إما فقير معدم أو ثري فاحش الثراء وهو انفعالي يمكن أن يصل إلى حدود التطرف الهوسي. (لابد من الإشارة إلى أننا مدينون للاستشراق بهذه الصفات).

ومن الطبيعي أن تستغل الصهيونية هذه الصورة وأن توظف إمكانياتها الإعلامية (السينما خصوصاً) لترسيخ قباحتها.

ب-التضليل الإعلامي: وقد مارسته الصهيونية لحدود الاستنفاد. وأخطر صوره:

1-اليهودية هي قومية (بدليل أن إسرائيل وطن قومي لليهود) أما العروبة فهي ديانة (بدليل أن 80% من الأميركيين يعتقدون أن إيران وباكستان هي دول عربية).

2-إن إسرائيل تملك تاريخاً وأنها أسبق من العرب في ملكيتها للأرض. (ولكن ماذا عن المخطوطات التاريخية التي تخفيها إسرائيل وتمنع المؤرخين من مجرد الاطلاع عليها؟).

3-إن إسرائيل تحمي مصالح الغرب في المنطقة وهي بمنزلة الخادمة لمصالحه (ولكن ماذا عن الفقر الزاحف إلى دولنا النفطية؟).

ج- الإرهاب العربي: يقاس نجاح إسرائيل في تسويق صورة العربي كإنسان عدواني إرهابي عبر وقائع عديدة منها أن الإعلام الأميركي ومعه الرأي العام الأميركي وجها التهمة إلى العرب فور وقوع انفجار أوكلاهوما (الذي كان من صنع الميليشيات الأميركية البيضاء).

والخطير أن تهمة الإرهاب العربي تكرست بأبحاث أكاديمية تعتبر أن أصل الإرهاب يعود إلى جماعة "الحشاشين" العربية. وبأن هذه الجماعة هي التي اخترعت الإرهاب.

5-الحرب النفسية المباشرة:

وهي عموماً حرب شائعات لكن صورتها الأكثر بشاعة هي تلك التي تمارسها الصهيونية ضد اليهود العرب. فهؤلاء ينتمون انتروبولوجياً إلى الحضارة العربية وعرقياً إلى الشعوب العربية. لذلك تمارس عليهم الصهيونية تمييزاً عنصرياً يبلغ حدود احتقار كرامتهم الإنسانية. وتكون نتيجة ذلك أنهم مقبولون كيهود ومرفوضون كمواطنين كاملي الحقوق. من هنا تحول هؤلاء اليهود العرب إلى الحركات الدينية المتطرفة. ورغبتهم في الانتقام من أصولهم العربية ومن العرب عموماً.

أما عن الشائعات الصهيونية فحدث بلا حرج. ومنها نذكر:

أ- معادلة بن غوريون: التي تدفع بالعربي للإحساس بضآلته وبعجزه أمام اليهودي -الصهيوني. وهذا مجرد شائعة لأن الصهيونية تسلمت الأرض على طبق من فضة بسبب الموافقة الدولية وليس بسبب انتصارها المدعوم خارجياً أيضاً.

ب- شائعة اللجوء: أطلقت إسرائيل شائعة لاتزال تتداولها لغاية اليوم. قوام هذه الشائعة أن الفلسطينيين لم يهربوا من الإبادة في مذابح على غرار كفر قاسم ودير ياسين. بل إنهم تركوا أرضهم بناءً على أوامر الجيوش العربية التي كانت تنوي إبادة اليهود بعد خروج العرب.

ج- شائعات الخيانة: وهي شائعات جاهزة ضد أي زعيم أو مسؤول عربي يحرج إسرائيل. أما المتعاملين معها فإنهم يحظون بلقب "المتحضر الليبيرالي".

د- شائعة التضامن اليهودي: وشقها الآخر شائعة التشرذم العربي. فالتضامن بين سكان إسرائيل يستند فقط إلى وجود العدو العربي وإلى تغذية الصهيونية للرغبة اليهودية بالعدوان كسبيل وحيد للشعور بالأمان. ودون ذلك فإن يهود إسرائيل ليسوا سوى خليط من الأعراق والثقافات التي لايجمعها جامع. وهم متشرذمون شرذمة الشتات الذي أتوا منه.

أما عن التشرذم العربي فهو حاصل لو تم قياسه باللحظة السياسية- الاقتصادية الراهنة. لكن هذه ليست سوى لحظة. فالشعوب العربية باقية في أرضها ومتمسكة بها بدخل فردي لايتجاوز الـ 10% من مثيله في إسرائيل. لكن الفارق بين الاثنين هو الفارق بين الأسطورة وبين التاريخ.