الصهيونية..
عنصرية الايديولوجيا وهمجية الممارسة
شحادة الحمود
البعث
السورية 10/10/2001
يؤكد زيف المقولات التاريخية
والدينية التي تعتمدها الصهيونية لتسويغ العدوان على العرب وأراضيهم، عمق العنصرية
التي تطبع الصهيونية فكراً وممارسة
إن المتتبع لنشوء ظاهرة
التمييز العنصري وتطورها يجد انها تستند الى مقولة التباين والاختلاف بين الأمم
والشعوب على أساس التفوق والقدرة التي تميز هذا العرق أو ذاك والمعدومة عند العرق
الآخر.
ويتضح من خلال تعريف العنصرية
كما ورد في الموسوعة البريطانية بأنها الفكرة القائلة بوجود علاقة سببية بين الصفات
الجسدية الموروثة وبين صفات تتعلق بالشخصية أو العقل، يضاف الى هذا ان بعض الأعراق
متفوقة على أعراق أخرى وبصورة وراثية.
ولم تأت هذه النظريات من
فراغ، بل لها أسبابها وعواملها الاجتماعية والاقتصادية والايديولوجية والسياسية
التي أدت الى نشوء أنظمة تعتمد وتتبنى هذه النظريات لفرض سيطرتها ونفوذها وتبرير
تصرفاتها وخدمة مصالحها، كنظام الابارتيد في جنوب افريقيا، والنازية الألمانية
والفاشية وما أفرزته من نتائج ودمار خلال القرن الماضي.
ولكن الأخطر هو ما أبدعته
الايديولوجيا الصهيونية من خلال ايجاد جملة من الأسس والمرتكزات لتصوغ فيها نظرية
للصهيونية استهدفت ايجاد المبررات التاريخية والعرقية والدينية لتهجير شعب بأكمله
خارج حدود وطنه، وتبرير عملية التوسع والعدوان من خلال مقولات نسجتها المخيلة
العنصرية الصهيونية، كمقولة الحق التاريخي لليهود في فلسطين، ومقولة الاختيار
الإلهي للشعب اليهودي، وتعتبر هذه المقولات مزيجاً مركباً من النظريات العنصرية
السابقة من خلال عمليات الربح والتركيب التي قادت الى الشكل العنصري السافر المتمثل
بالصهيونية.
إن الايديولوجيا الصهيونية
مزيج مركب من النظريات العرقية الدينية والجغرافية والسياسية، جاءت بها الطبقة
البرجوازية اليهودية المرتبطة بالرأسمال الغربي، ويتأكد تأثير النظريات العنصرية في
الايديولوجيا الصهيونية من خلال النقاط التالية:
- استندت كل من الصهيونية
والنازية الى نظرية العرق أو الجنس الأعلى المتفوق كتبرير لسيطرة هذا العرق أو
الجنس.
- عملت الصهيونية والنازية
على ابراز ظاهرة النخبة أو الصفوة.
- استخدمت النازية فكرة
المجال الحيوي، أما الصهيونية فاستخدمت نظرية الحدود الآمنة وأرض الميعاد.
- استندت كل من الصهيونية
والنازية الى الربط بين نظرية المجال الحيوي والحدود الآمنة وبين نظرية التفريغ
السكاني، أي طرد السكان الأصليين من بلادهم.
- حاولت كل من النازية
والصهيونية الاستفادة من عملية التطور العلمي في نظرياتهما.
- حاولت كل منهما استغلال
العامل الديني لخدمة مصالحهما وتسخيره لمطامعهما.
لقد أكد الدكتور اسرائيل
شاحاك مظاهر التشابه بين العنصرية والنازية في كتابه عنصرية اسرائيل قائلاً: «انني
لا أخشى من تشبيه الوضع في اسرائيل بالوضع في ألمانيا، وأنا لا أخشى من القول ان
يهود اسرائيل يمرون حالياً بمرحلة النازية، وأعتقد انهم نازيون حقيقيون».
وهذا التمييز يظهر جلياً من
خلال ممارسات الصهيونية لسياسة التمييز العنصري ضد العرب الفلسطينيين بشكل واسع،
حيث شمل جميع مجالات الحياة والسيطرة على مختلف المرافق وابقاء الشعب الفلسطيني على
الهامش من خلال تفتيت الوحدة البشرية والجغرافية للشعب الفلسطيني، ومنع العرب من
امتلاك قاعدة اقتصادية قوية وفرض مظاهر التخلف على الشعب العربي، ويدل على ذلك بشكل
واضح من خلال ممارسة سياسة الاغتصاب والتوسع الجغرافي، والقوانين المعتمدة في
الكيان الصهيوني كقانون الطوارىء وقانون استغلال الأراضي غير المستثمرة، وقانون
مصادرة الأراضي اللازمة لمتطلبات الأمن، وقانون مرور الزمن، والعديد من القوانين
الأخرى التي تظهر هذه النزعة العنصرية التي تهدف الى حرمان العرب من كل شيء ومن
أبسط حقوقهم في العيش بأمان.
وتاريخ اسرائيل القريب
والبعيد غني، بل غني جداً بالممارسات العنصرية الحاقدة، ففي حين يحاول الاعلام
الصهيوني مدعوماً من الاعلام الغربي التأكيد على مقولات التحضر الاسرائيلي، تبقى
دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا وما تفعله اسرائيل الآن على مرأى ومسمع العالم في
الأراضي المحتلة خير شاهد ودليل على عنصرية وحقد وهمجية لم تعرف البشرية لها
مثيلاً، حتى في أكثر عصورها إظلاماً.